شاشةمشاهير

زياد مروان نجار في مسرحيته ” وعيتي ” يستعرض مواهبه الثلاثة، الكتابة والإخراج والتمثيل

رغم معاناة المسرح اللبناني بسبب الحروب المحلية المتتالية التي أوقفت نهضته، إلا أنّ المبادرات الفردية وإرادة روّاد المسرح كان لها دور كبير في إنعاش هذا الفن الجميل من خلال إصرارهم على الاستمرار والنهوض بالرغم من الظروف الصعبة والعصيبة، وإصرارهم على عدم الاستسلام ورفضهم الزوال.
لا شك أنّ المسرح هو من أجمل وأرقى الفنون الإبداعية، وهو أيقونة الإبداع اللبناني وصورة الفن المتكامل الذي “نتعطش” إليه اليوم في لبنان، رغم كل ما عاناه المسرح اللبناني من مرارة الحروب والاشتباكات الأمنية والأوضاع الاقتصادية، فاقتصر العمل المسرحي في السنوات الاخيرة على تجارب خاصة وفردية.
ولكن في ظلّ الأوضاع الاقتصادية والأمنية الراهنة، أصرّ الكاتب والمخرج والممثل زياد مروان نجّار أن يستمر بمسرحيته  “وعيتي؟” ، على خشبة مسرح ” Gaumont Art lab” في المنصورية ،  متحدياً كل الظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان والشعب اللبناني.
مسرحية “وعيتي؟” هي مسرحية فنية اجتماعية تفاؤلية هادفة موجهة لمن من هم فوق الـ18 سنة، وتهدف إلى إيصال عدّة رسائل عن لبنان، ويجسد زياد نّجار الشخصيات وحده على المسرح. والهدف من محتوى المسرحية هو أن نسعى للتفتيش عن الايجابيات في السلبيات التي نعيشها في لبنان.

استطاع  نجار  أن يلعب أدوار كل الشخصيات في مسرحيته، من خلال هذه الادوار  أراد أن يستعرض مواهبه الثلاثة، الكتابة والإخراج والتمثيل، ثانياً، رغبته بعرض المسرحية بشكل “الدراما المنفردة”،  أن هذا النوع من التمثيل برأي أي فنان مثقف هو الأصعب، بحيث يبرز قدرات الممثل وموهبته.

ينطلق العرض بـ زياد سيدة عجوز لا يعجبها شيء في مظهرها أو الآخرين من حولها، وهي وحيدة بالكاد تستطيع المشي والإنتقال داخل المنزل، ثم يستعيد جنسه بالظهور فنان نحت يحاول تجميل تمثال لإمرأة دميمة وفيما يباشر عملية الترميم بغضب ويثور ليدفع التمثال أمامه فيفقد الرأس، ويتصرف كرجل عادي يحاول التكيف مع الحياة السائدة.في النماذج الثلاثة كان زياد مقنعاً، حتى عندما شهر مسدسه وحاول قتل نفسه بدا مجنوناً حقيقياً، وهو يتحدث مع نفسه في غضب وقلق ومع هواجس متقلبة كل ما فيها مخيف وسلبي وغير متوازن، والراي هنا أنه في الشخصيات التي تقمصها يجمعها هدف واحد هو الخروج من عزلة الذات إلى فضاء الطبيعة والبشر، في تعبير صادق عن مناخ الوحدة الذي يصيب عينات كثيرة هذه الأيام ولا قدرة لأحد على وصف علاج فالحال عامة والأزمة واحدة.

ويحاول عبر تمثال المرأة أن يجد مؤنساً له عبر كيان آدمي فلا يقوى على رعايته، معترفاً بأنه لا يستأهل هذه المعاملة السلبية في الحال التي يحياها، وأكثر من ذلك فهو ما عاد يحتمل التنازلات وأشكال الإستسلام المتعددة لأن الظروف لا تخدم ولا مناص من الصبر.

الخلاصة من هذا العمل أنه قدّم لنا ممثلاً متمكناً فاهماً ومعتمداً على مناخ الفن الذي يملأ منزله منذ وُلد، ونحن متفائلون بأن المقبل من الأيام سيحمل مشاريع عديدة تؤكد على الثقة التي وضعناها فيه ونراهن عليها بصلابة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى